عيد بلا فرحة مأساة الموظف الجامعي في اليمن
مع اقتراب عيد الأضحى، تتزاحم المشاهد في اليمن بين ما يبدو فرحًا جماعيًا في أسواق المواشي، وبين معاناة مكتومة يعيشها آلاف الموظفين، وعلى رأسهم أعضاء هيئة التدريس في الجامعات اليمنية.
ففي صورة التُقطت من الجو لسوق الأحد في وادي الضباب غرب مدينة تعز، تظهر حشود غفيرة تتوافد لشراء الأضاحي، في مشهد قد يُخدع من يراه لأول وهلة، إذ يوحي بأن الوضع الاقتصادي في البلاد بخير. غير أن الواقع مختلف تمامًا.
مفارقة العيد بين الفاقة والمظاهر
رغم التدهور الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة، وانعدام سبل العيش، وتأخر صرف المرتبات، إضافة إلى الانهيار المروع في قيمة الريال اليمني في مناطق الحكومة الشرعية، وانفطاع المرتبات لاكثر من تسع سنوات في مناطق سيطرة الحوثي فإن الإقبال الكثيف على شراء الأضاحي يُثير تساؤلات اجتماعية واقتصادية عميقة.
هل هو تمسك بالموروث؟ أم مقاومة نفسية جماعية للانهيار؟ أم مجرد محاولة للحفاظ على ماء الوجه أمام أطفال لا يدركون شيئًا عن التضخم والعجز المالي؟
عيد بلا أضحية بلا ملابس بلا_فرح
بالنسبة للموظف الجامعي، عيد الأضحى هذا العام يمر كظل ثقيل. لا أضحية، لا ملابس جديدة للأطفال، ولا حتى مصروف بسيط يزرع البسمة في وجوههم.
"بابا، ليش ما عندنا خروف؟"، "أين فستاني؟ وعدتني قبل رمضان!"... أسئلة يواجهها الأب الأكاديمي بقلب يعتصره الألم، ولا يجد لها جوابًا سوى الصمت أو الوعود المؤجلة.
#الاحتراق_الصامت_للنخبة_التعليمية
إن أخطر ما تواجهه هذه الفئة اليوم ليس فقط العجز المادي، بل الانكسار المعنوي. إذ كيف يمكن لأستاذ جامعي – يُفترض أن يكون قدوة ومصدر إلهام – أن يستمر في أداء رسالته التربوية، بينما يعيش تحت وطأة عجز مالي مزمن، واحتياجات أسرية متزايدة، ونظرة مجتمعية تبدأ بالتقليل من شأن "العلم" كوسيلة للارتقاء؟
#انعكاسات_نفسية_واجتماعية_على_الأطفال
غياب العيد عن منازل الأكاديميين لا يمر دون أثر. أطفالهم يشعرون بالتهميش، يقارنون أنفسهم بأقرانهم، ويبدأون في التساؤل: لماذا نحن مختلفون؟ لماذا آباؤنا – رغم كل ما يعرفونه ويعلمونه – لا يستطيعون إسعادنا في يوم العيد؟
ومع تكرار هذه التجربة، تنشأ فجوة طبقية غير معلنة في الوعي الجمعي، قد تقود إلى فقدان الثقة في قيمة التعليم والعمل الرسمي، بل وحتى في جدوى الانتماء للوطن.
#العيد_الحقيقي_يبدأ_بالعدالة
إن مشهد ازدحام الأسواق ليس بالضرورة دليل رخاء، بل هو في الغالب تعبير عن صراع داخلي بين ما نريد أن نظهر عليه، وما نحن عليه فعلاً.
الموظف الجامعي لا يطلب معجزات، بل مجرد راتب منتظم، وكرامة محفوظة، وبيئة تمنحه الأمل ليستمر في أداء رسالته. أما أطفاله، فهم يستحقون أن يروا في العيد بسمة لا تحتاج إلى تبرير، وفرحة لا تؤجل إلى إشعار آخر.





